استطاعت فنلندا خلال مدة وجيزة أن تتحول من بلد اقتصاده زراعي إلى بلد ذي اقتصاد معرفي متقدّم، وكان التعليم أهم ركيزة في هذا التحول، وكانت البداية في الثمانينيات، حيث بدأ النمو في قطاع التعليم بعد الثانوي، تلاه نمو في التعليم الجامعي وما بعده من التعليم المستمر وتعليم الكبار في التسعينيات. وتقوم فلسفة التعليم في فنلندا على إتاحة الفرصة لجميع الطلاب للمشاركة والتعلم وإتاحتها للمدرسين ليختاروا ما يريدون أن يتعلموا وكيف يعلمونه للطلاب
فلسفة نظام التعليم في فنلندا وآلية العمل على نجاح التجربة الفنلندية:
1-أول وأهم هذه الأسباب هي راحة الطفل النفسية في المدرسة، كونها المكان الذي يقضي فيه معظم وقته، كما أنَ نظام التعليم هذا متوفر لجميع الطلاب في كل مناطق فنلندا مجاناً في مدارس يدعمها القطاع الحكومي، ولا شك أنه يوجد بعض المدارس الخاصة التي لا تشجع عليهاالحكومة ولا تعطي التراخيص لفتحها بسهولة، وهذا يؤكد اهتمام الحكومة بنوعية التعليم للجميع وليس الاسثمار بطلابهم .
2-نظام التعليم في هذه الدولة الرائدة يساعد على تقارب مستويات الطلبة باعطاء الفرص للجميع في اكتساب المهارات في المواد المختلفة كالعلوم والرياضيات والقراءة واللغات، وحتى مع وجود تباين في الذكاء واالمهارات الى أن نظام التعليم عمل على ردم فجوة التي تخلق هذا التباين بزيادة مهارات الطلبة جميعاً، حيث يبدأ التعليم من سن السابعة.
3-أول ست سنوات من عمر الطفل هي الأهم في المدرسة وفي التعليم الفنلندي، لأنها فترة بناء المعرفة والمهارات البسيطة والتعود على حياة التعلم واكتساب المعرفة لتعود عليهم بالفائدة في المراحل التي تليها.
4-التعليم الإلزامي العام هو تعليم مجاني تماماً، فالكتب والأدوات القرطاسية مجانية في هذه الفترة، باستثناء المرحلة الثانوية، إذ على الطلاب أن يدفعوا ثمن الكتب والأدوات. ولكن دخولهم للجامعات مجاني بلا رسوم، هذا ومع أنَ ما تنفقه الدولة من ميزانية يعتبر متوسطاً بالنسبة لما تصرفه دول أخر على التعليم .
5-يحافظ المعلمون في فنلندا على سريان المعيار الحكومي على المناهج دون التقيد بمنهاج مكتوب، والجميل أن المعلم له حق تقسيم المادة واختيار الدروس التي يريد اعطاءها وطريقة التدريس حسب رغبته واقتناعه بأهمية المواد وشموليتها عمقها ومحافظتها على المحتوي العلمي القوي، وهذه الخطوة لا تتم طبعاً الا بوجود نخبة من المتميزيين أصحاب الدراسات العليا وفي مراحل معينة يجب أن يكونوا حاصلين على الماجستير على الأقل، وفي بعض المراحل يكونوا حاصلين على شهادة الدكتوراة، وإن عملية اختيار المعلمين لما يريدوا إعطاءه يزيد من حسن العلاقة الجيدة مع طلابهم وشفافيتها وقوتها، لأن هذه الطريق لا تعمل على التلقين وإنما تدفع الطالب للبحث والاستفسار والاكتشاف .
6-ليس هناك قلق دراسي في فنلندا، إذ ليس هناك اختبارات في السنوات التسع الأولى، وإنما تقييم أداء من قبل المعلمين، وبذلك تزيد ثقة الطلاب بقدراتهم وأنفسهم ولا يسمح للتمييز بينهم، والمقصر يزداد الاهتمام به .
7-وفي مراحل معينة يتم عمل اختبارات من قبل المعلمين أنفسهم، وتبقى النتائج سرية إلى أن يطلبها مجلس التعليم الوطني بهدف تحسين آلية التعليم فقط. اذاً إن أكثر ما يهمهم هو تحسين عملية التعليم وتقوية مسيرتها وليس العلامات والنجاح والقبول بالجامعات، كما هي مشكلة الطلبة العرب بمارحل التعليم العام المختلفة.
إن تفوق العملية التعليمية في فنلندا احتاج سنوات عديدة، ليصل الى هذه المرحلة من الرقي والثقة بين الطلاب أنفسهم والطلاب ومعلميهم . اقتداءنا بتلك الدولة في التعليم قد يحتاج عقداً من الزمن
No comments:
Post a Comment