TIME
23:20
المقارنة بين نهضة المجتمع العربي والمجتمع الماليزي في العصر الحديث
المقارنة بين نهضة المجتمع العربي والمجتمع الماليزي في العصر الحديث
تعد ماليزيا إحدى أهم الدول الإسلامية التي استطاعت أن تتخطى التخلف وتنطلق
إلى فضاءات واسعة من التنمية في شتّى المجالات الحياتية والمعيشية بدءاً من
الاقتصاد مروراً بالتعليم والتكنولوجيا وانتهاءً بالصحة والثقافة.والنموذج
الاقتصادي الماليزي أصبح اليوم معجزة بكل المقاييس، فهو....
قريب الشبه من المعجزة اليابانية؛ فبالرغم من أن مساحة ماليزيا (330) ألف كم وعدد السكان وأغلبيتهم من المسلمين يصل إلى (22) مليون نسمة، وطبيعة البلاد جبليّة ومعظم أراضيها لا تصلح للزراعة وتساهم السياحة بنسبة 5 % فقط من الدخل القومي، إلا أن ماليزيا والتي كان تبادلها التجاري مع العالم عام 1975 لا يتجاوز ( 4.5مليون دولار) وصلت تجارتها اليوم وبعد (25) عاماً إلى (685) مليار رينجت (الرينجت العملة الوطنية والدولارات 3.8 رينجت) أي حوالي (180) مليار دولار؛ بل وتشتهر العملة الماليزية في العالم باسم الدولار الماليزي.
والسر الواضح حتى الآن في هذه الطفرة يكمن في العقل الماليزي المسلم الذي يرفع شعار "الجودة والتصدير قاطرة التنمية الاقتصادية".
ألغاز المعجزة الماليزية التي جعلت نصيب الفرد الماليزي من صادراتها (4800) دولار متجاوزاً بذلك نصيب الفرد الأمريكي في صادرات بلاده (3100 دولار) بمبلغ (1700) دولار،.
.
جذب الاستثمارات
"السمك الصغير أحسن طعماً من السمك الكبير" بهذا المثل الحكيم اعتمدت ماليزيا على جذب الاستثمارات الأجنبية؛ فقد اعتمدت في الدعوة للاستثمار على رجال الأعمال الأجانب العاملين على أراضيها أكثر من اعتمادها على الهيئات الحكومية المتخصصة في جذب الاستثمارات، كذلك اعتمدت على توفير بنية أساسية أكثر من الاعتماد على الإعفاءات الضريبية المقدمة والتركيز على عنصر توافر المصادر البشرية أكثر من اعتمادها على المصادر الطبيعية، ويفرق قانون الاستثمار الماليزي بين (6) أنواع مختلفة من المشروعات (استراتيجية) رائدة مناطق محرومة، مناطق محرومة، عالية التقنية، تجديد ومشروعات، ربط صناعي ولكل نوع من تلك المشروعات مزايا خاصة وفّرها قانون الاستثمارات الماليزي، وكان أهم أسباب النجاح في كل ما سبق هو أن الحكومة الماليزية أدارت الاقتصاد بأسلوب " قطاع الأعمال Malaysia Inc " والذي نجح في جذب تلك الاستثمارات التي وفّرت إنتاجاً ضخماً قابلاً للتصدير.
لم تكن الحصيلة الجمركية أهم البنود في تمويل الموازنة العامة لذلك كانت الحماية الجمركية فقط على المنتجات التي تستهدفها خطط التنمية الصناعية الخمسية المتابعة(فترة حضانة لتلك المشروعات) ولم تفرض الحماية على جميع البنود الجمركية كالدول النامية، كما استخدمت ماليزيا نظام تراخيص الاستيراد لتنظيم السوق المحلي، وليس بهدف ترشيد الواردات لذلك لم تحتفظ الدولة بسوى عدد محدود من المشروعات العامة نقلت ملكيتها لجهاز خاص داخل وزارة المالية يحتفظ باسم تلك الشركات، وتركت الإدارة بالكامل للقطاع الخاص من خلال المشاركة الفعالة لرؤوس أموالها بدلاً من خصخصتها بأسلوب المستثمر الرئيسي كذلك لم تحتفظ الدولة بموقف احتكاري سوى للبترول والأرز، وتركت باقي الخدمات بالكامل للقطاع الخاص مثل الطرق والكهرباء والتلفونات والنظافة .. الخ وظل دور الدولة تنظيم الإشراف على تلك الخدمات فقط.
بالأرقام فإن 12 % من إجمالي صادرات ماليزيا للعالم الخارجي خلال الأعوام الخمسة الأخيرة تمتعت بتخفيضات جمركية في إطار هذا النظام خاصة الأجهزة المنزلية والكهربية والإلكترونية والكيماويات ومنتجات زيت النخيل، ويعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر مانح لتلك التخفيضات في إطار ذلك النظام للصادرات الماليزية.
فالسلع الماليزية تمتعت بتخفيضات بلغت 14,5 مليار رينجت عام 1997 بما يمثل 70 % من إجمالي السلع التي تمتعت بها في حين أن اليابان جاءت في المركز الثاني في التمتع بنفس التخفيضات للاتحاد الأوروبي بنفس النظام ( 4,5 مليار رينجت) والطريف أيضاً أن الصادرات الماليزية لم تتمتع بأي تخفيضات جمركية في السوق الأمريكي.
والسرّ في كل ذلك أن ماليزيا من أكثر الدول التي استفادت من المزايا الممنوحة في الدول الصناعية والنامية في إطار النظام المعمم للمزايا الأمريكي GSP كما استفادت من النظام الشامل للمزايا الجمركية للدول النامية GTSP رغم أن ماليزيا لم تقدم سوى بند واحد فقط في إطار هذا النظام وهو بند ( المنسوجات القطنية غير المصبوغة) .
قريب الشبه من المعجزة اليابانية؛ فبالرغم من أن مساحة ماليزيا (330) ألف كم وعدد السكان وأغلبيتهم من المسلمين يصل إلى (22) مليون نسمة، وطبيعة البلاد جبليّة ومعظم أراضيها لا تصلح للزراعة وتساهم السياحة بنسبة 5 % فقط من الدخل القومي، إلا أن ماليزيا والتي كان تبادلها التجاري مع العالم عام 1975 لا يتجاوز ( 4.5مليون دولار) وصلت تجارتها اليوم وبعد (25) عاماً إلى (685) مليار رينجت (الرينجت العملة الوطنية والدولارات 3.8 رينجت) أي حوالي (180) مليار دولار؛ بل وتشتهر العملة الماليزية في العالم باسم الدولار الماليزي.
والسر الواضح حتى الآن في هذه الطفرة يكمن في العقل الماليزي المسلم الذي يرفع شعار "الجودة والتصدير قاطرة التنمية الاقتصادية".
ألغاز المعجزة الماليزية التي جعلت نصيب الفرد الماليزي من صادراتها (4800) دولار متجاوزاً بذلك نصيب الفرد الأمريكي في صادرات بلاده (3100 دولار) بمبلغ (1700) دولار،.
.
جذب الاستثمارات
"السمك الصغير أحسن طعماً من السمك الكبير" بهذا المثل الحكيم اعتمدت ماليزيا على جذب الاستثمارات الأجنبية؛ فقد اعتمدت في الدعوة للاستثمار على رجال الأعمال الأجانب العاملين على أراضيها أكثر من اعتمادها على الهيئات الحكومية المتخصصة في جذب الاستثمارات، كذلك اعتمدت على توفير بنية أساسية أكثر من الاعتماد على الإعفاءات الضريبية المقدمة والتركيز على عنصر توافر المصادر البشرية أكثر من اعتمادها على المصادر الطبيعية، ويفرق قانون الاستثمار الماليزي بين (6) أنواع مختلفة من المشروعات (استراتيجية) رائدة مناطق محرومة، مناطق محرومة، عالية التقنية، تجديد ومشروعات، ربط صناعي ولكل نوع من تلك المشروعات مزايا خاصة وفّرها قانون الاستثمارات الماليزي، وكان أهم أسباب النجاح في كل ما سبق هو أن الحكومة الماليزية أدارت الاقتصاد بأسلوب " قطاع الأعمال Malaysia Inc " والذي نجح في جذب تلك الاستثمارات التي وفّرت إنتاجاً ضخماً قابلاً للتصدير.
لم تكن الحصيلة الجمركية أهم البنود في تمويل الموازنة العامة لذلك كانت الحماية الجمركية فقط على المنتجات التي تستهدفها خطط التنمية الصناعية الخمسية المتابعة(فترة حضانة لتلك المشروعات) ولم تفرض الحماية على جميع البنود الجمركية كالدول النامية، كما استخدمت ماليزيا نظام تراخيص الاستيراد لتنظيم السوق المحلي، وليس بهدف ترشيد الواردات لذلك لم تحتفظ الدولة بسوى عدد محدود من المشروعات العامة نقلت ملكيتها لجهاز خاص داخل وزارة المالية يحتفظ باسم تلك الشركات، وتركت الإدارة بالكامل للقطاع الخاص من خلال المشاركة الفعالة لرؤوس أموالها بدلاً من خصخصتها بأسلوب المستثمر الرئيسي كذلك لم تحتفظ الدولة بموقف احتكاري سوى للبترول والأرز، وتركت باقي الخدمات بالكامل للقطاع الخاص مثل الطرق والكهرباء والتلفونات والنظافة .. الخ وظل دور الدولة تنظيم الإشراف على تلك الخدمات فقط.
بالأرقام فإن 12 % من إجمالي صادرات ماليزيا للعالم الخارجي خلال الأعوام الخمسة الأخيرة تمتعت بتخفيضات جمركية في إطار هذا النظام خاصة الأجهزة المنزلية والكهربية والإلكترونية والكيماويات ومنتجات زيت النخيل، ويعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر مانح لتلك التخفيضات في إطار ذلك النظام للصادرات الماليزية.
فالسلع الماليزية تمتعت بتخفيضات بلغت 14,5 مليار رينجت عام 1997 بما يمثل 70 % من إجمالي السلع التي تمتعت بها في حين أن اليابان جاءت في المركز الثاني في التمتع بنفس التخفيضات للاتحاد الأوروبي بنفس النظام ( 4,5 مليار رينجت) والطريف أيضاً أن الصادرات الماليزية لم تتمتع بأي تخفيضات جمركية في السوق الأمريكي.
والسرّ في كل ذلك أن ماليزيا من أكثر الدول التي استفادت من المزايا الممنوحة في الدول الصناعية والنامية في إطار النظام المعمم للمزايا الأمريكي GSP كما استفادت من النظام الشامل للمزايا الجمركية للدول النامية GTSP رغم أن ماليزيا لم تقدم سوى بند واحد فقط في إطار هذا النظام وهو بند ( المنسوجات القطنية غير المصبوغة) .
شراكة جمركيّة
ترتبط ماليزيا مع (10) دول في جنوب شرقي آسيا باتفاقية لتحرير التجارة الخارجية بالكامل تدريجياً اعتباراً من عام 1995 لتصل إلى الإعفاء الكامل عام 2003 بالنسبة للدول النامية سريعة النمو، وعام 2005 بالنسبة للدول الأقل نمواً في إطار اتحاد الآسيان Asean وطبقاً للمنطقة لاتفاقية المنطقة الحرة للآسيان فإنه بنهاية العام الماضي 2001 لا تزيد التعريفة الجمركية بين تلك الدول على 5 % فقط باستثناء سلع حساسة، كما ترتبط ماليزيا باتفاق مع استراليا ونيوزيلاند بخفض التعرفة الجمركية بينهم بنسبة 50 % اعتباراً من عام 1993 وتتفاوض حالياً مع اليابان والصين وكوريا الجنوبية لإزالة القيود الجمركية بينها في إطار اتفاق Asean + 3 كذلك مفاوضات أخرى مع الاتحاد الأوروبي لحفظ وإزالة التعرفة الجمركية في إطار (الحوار الأوروبي الآسيوي) بل تحاول ماليزيا حالياً الحصول على مزايا تفضيلية في (10) سلع في إطار الاتفاقات الموقعة مع الباسيفيك PEC.
ولأن الصادرات الماليزية هي العمود الفقري لاقتصادها كان تطبيق نظام مقاييس ومعايير دولي لتحديد السلع التجارية أمراً مهما؛ لذلك تم تحويل هيئة المقاييس المعيارية الماليزية Sirim إلى شركة مساهمة تُدار بأسلوب القطاع الخاص بهدف الاطلاع على نظم المقاييس المعيارية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان و ISO وتطبيق كل ذلك على الصناعة والتجارة الماليزية، وتتولى الشركة منح الشركات شهادات الجودة، ومطابقة المواصفات والإشراف على شركات مراقبة الجودة والمحافظة على البيئة، بل قامت الشركة بوضع مجموعات متميزة إضافية من المواصفات القياسية مثل (مواصفات للسلع الغذائية التي تطابق الشريعة الإسلامية) ومواصفات الآداب العامة وتعدّد الثقافات نظراً لطبيعة تكوين المجتمع الماليزي.........
اما المجتمع العربي ليس مؤهلا بعد للخطو باتجاه النهضة و العلم. إن مؤسساتنا التعليمية قد تكون مُجهزة بالكوادر الفنية والطبية التي تستطيع توفير الخدمة اليومية للمواطن والمجتمع ولكن ليس لاحتضان الإبداع والتطوير العلمي. إن قروناً من التخلف لا يمكن أن تزول بافتتاح جامعة أو مئة جامعة. إن قرون التخلف الحضاري تزول عندما تكون هناك نهضة حضارية في أدق أدق مفاصل البيئة الاجتماعية في الأرياف والحواري المهملة وليس العواصم والمدن الكبيرة. للأسف لاتزال المجتمعات العربية بعيدة عن التنمية البشرية وإعادة بناء الإنسان على أسس ومقاييس معاصرة. إن أقصى ما يتم الطموح له هو حملات محو الأمية التي تقود هي ذاتها للامية الثقافية التي أخذت بالسيادة والتربع على عرش الانغلاق الفكري. لقد وجدنا الفرق الزمني بين نوبل عبدالسلام ونوبل زويل عشرين عاماً والرجلان هما صناعة منظومات غربية. كم سيمضي من الوقت لإنتاج عالِم عربي أو إسلامي في بلده. ربما هناك حل هو أن تشتري إحدى الدول العربية الغنية جامعة بركلي الأميركية ويتم تحويل اسمها إلى اسم شاريها على أن تبقى موقعيا في أميركا لكي تتمتع بالبيئة الاجتماعية التي هي شرط أساسي في البناء العلمي و الحضاري
إن الفرق الحضاري (اقتصاديا وفكريا
واجتماعيا) الشاسع ما بين المجتمع العربي والمجتمع الماليزي