آباء يتناوبون على نقل أبنائهم إلى المدرسة لتجنب رسوم الحافلات
قال ذوو طلبة إن الارتفاع في رسوم الحافلات المدرسية، الذي اعتمدته مدارس خاصة للعام الدراسي الجديد، دفعهم إلى التناوب على نقل أبنائهم إلى المدرسة وإعادتهم منها.
وأكدوا أن إدارات بعض المدارس تبالغ في تحديد رسوم الحافلات، مشيرين إلى أنها تعتبرها طريقة لمضاعفة أرباحها، فيما أعرب أولياء آخرون عن مخاوفهم من زيادة هذه الظاهرة، وتسببها في حدوث ازدحام مروري في محيط المدرسة.
وقالوا إن الحافلة المدرسية مجهزة لهذه المهمة تحديداً، وتالياً فهي أكثر أمناً مقارنة بأي وسيلة أخرى، داعين الآباء إلى منح الأولوية لسلامة الطلبة.
وأكد مستشار قانوني أن مشاركة مجموعة من الأشخاص في نقل أبنائهم أثناء الرحلة المدرسية، لمواجهة غلاء رسوم الحافلات المدرسية، مخالف للقانون، محذراً من أن هذا السلوك يعرّض حياة الأفراد والممتلكات للخطر.
وقال إن قيمة المخالفة التي تفرض على سائق الكارلفت تصل إلى 10 آلاف درهم في حال تكرارها، لكنه اعتبر أن المخاطر المترتبة على هذا الأمر تملي على الآباء إعادة النظر فيه.
وأفادت هيئة الشارقة للتعليم الخاص بأن هناك إجراءات تسبق زيادة الرسوم الدراسية أو رسوم الحافلات، مشيرة إلى ضرورة الحصول على موافقة الهيئة قبل إقرار الزيادات الجديدة.
وقال مديرون في مدارس خاصة إن الزيادات المقررة على رسوم الحافلات تتناسب مع الزيادة في كلفة أعمال الصيانة وغيرها.
وتفصيلاً، اعتبر عبدالحميد السيد (والد طالبة)، أن «المدرسة تبدع في أساليب الاستفادة من الطالب بأشكال مختلفة»، وشرح أن «النقل المدرسي يعتبر إحدى الوسائل لتكسب كثير من المدارس الخاصة».
وأضاف أن «رسوم الحافلات في مدرسة ابنتي زادت 700 درهم لكل طالب، على الرغم من أن عدد أيام الدراسة أصبح أقلّ بعد اعتماد قرار العطلة الأسبوعية، فالطالب في المدرسة الخاصة بالشارقة يدرس أربعة أيام فقط.
وقالت سناء جمال (والدة ثلاثة طلبة): «اتفقت مع جارتي التي يدرس ابنها مع أبنائي على أن تتولى هي نقلهم إلى المدرسة في الصباح، وأنقلهم أنا من المدرسة إلى البيت بعد انتهاء اليوم الدراسي»، معتبرة أن «ذلك هو الحل الأمثل لمواجهة ارتفاع رسوم خدمة الحافلات المدرسية».
وتابعت أن «بعض المدارس الخاصة لا تكتفي برفع الرسوم، بل تكدس الطلبة في الحافلة الواحدة، بحيث يجلس ثلاثة طلاب على مقعدين».
ورأى خالد عبدالله (والد طالبة)، أن مشاركة ذوي طلبة يسكنون في منطقة محددة، في توصيل أبنائهم من البيت إلى المدرسة والعكس، تبدو مسألة سهلة، وقد ينجذب إليها كثيرون، على الرغم من خطورتها مشيراً إلى أنها «تساعد على توفير جزء من المتطلبات، ولكن الحافلة المدرسية تجعل الأسرة أكثر اطمئناناً على أبنائها». وقالت علياء محمد (والدة طالبة)، إن «نجاح هذه الفكرة يعتمد على المعرفة الشخصية بين الأسر، والثقة المتبادلة بينهم».
وأكدت أن «المشاركة بين ذوي الطلبة مفيدة من أحد الجوانب، لأنها توفر الوقت والمال، إلا أنها مخيفة من نواحٍ أخرى».
وقالت إن «الحافلة المدرسية، مهما كانت رسومها مرتفعة، تظلّ آمنة أكثر من أي وسيلة نقل أخرى».
وشدّدت على ضرورة تعزيز وعي أفراد المجتمع الذين يعقدون اتفاقات مع سائقين خاصين لنقل أبنائهم إلى المدارس، بما ينطوي عليه ذلك من مخاطر.
وأفادت ذكرى حسين (والدة طالبين) بأن النزول من السيارات الخاصة والتوجه إلى المدرسة بين مجموعة من الطلاب، سيكون محفوفاً بالخطر، لعدم وجود مشرفة ترافقهم لحمايتهم من التعرض للحوادث المرورية.
في المقابل، أفاد مديرو مدارس خاصة، بأن رسوم خدمة النقل المدرسي، تتأثر بالظروف الطارئة، مثل ارتفاع أسعار الصيانة والرواتب.
وأضافوا أن «أي زيادة تقرها المدرسة، تكون حاصلة على موافقة مسبقة من هيئة الشارقة للتعليم الخاص»، مشيرين إلى أن «الزيادة في رسوم الحافلات التي أقرت أخيراً، مناسبة، وليست مبالغاً فيها».
كما أكدت هيئة الشارقة للتعليم الخاص أنه «حسب السياسات والإجراءات المتبعة في التعامل مع الرسوم الدراسية المطبقة في المدارس الخاصة في الشارقة، وغيرها من الإمارات، يحق للمدارس الخاصة طلب زيادة الرسوم الدراسية مع بيان المبررات والأسباب، فيما تتولى الجهات التعليمية المختصة إصدار القرارات اللازمة لهذه الطلبات بالرفض أو الموافقة».
من جانبه، أكد المستشار القانوني معتز أحمد فانوس، أن مشاركة مجموعة من ذوي الطلبة في نقل أبنائهم أثناء الرحلة المدرسية، ذهاباً وإياباً، كوسيلة منهم لمواجهة غلاء رسوم الحافلات المدرسية، سلوك مخالف للقانون، لأنه يعرّض حياة الأفراد والممتلكات للخطر، وتفرض مخالفة على مرتكبه تبلغ قيمتها 5000 درهم، وعند التكرار تصل إلى 10 آلاف درهم. كما أنه يمكن أن تحجز المركبة 30 يوماً.
وأضاف أن هناك عقوبات أخرى، تشمل النقاط المرورية إذا كانت السيارة الخاصة التي تقل الطلبة طرفاً في حادث على الطريق، وتسببت في حدوث إصابات للأطفال، موضحاً أن «المتسبب (سائق الكارلفت) يكون مسؤولاً عن سلامة الطلاب، وعن حياتهم. وإذا تعرضوا لحادث، لا قدر الله، ونتج عنه إصابة أحدهم، أو موته، فإنه يتعرض للمساءلة القانونية بموجب قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي».
وشرح فانوس أن نقل أبناء شخص آخر أثناء الرحلة المدرسية، يخالف القانون، لأن السائق غير حاصل على ترخيص نقل ركاب. كما أن تقاضي رسوم مقابل نقل الآخرين بسيارة خاصة غير مسموح به، مشيراً إلى أن «السيارة الخاصة تكون لنقل الشخص وعائلته، لأنه مسؤول بشكل تام عن سلامتهم».
وأشار فانوس إلى أن المادة 390 من القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2020 بشأن الجرائم والعقوبات تنصّ على عقوبة الحبس والغرامة على من اعتدى على سلامة غيره بأي وسيلة كانت، وأفضى الاعتداء إلى مرضه أو عجزه عن أعماله الشخصية مدة تزيد على 20 يوماً.
وأضاف أيض أنه إذا أدى الإهمال أو قلة الاحتراز إلى موت الطفل فإن المتسبب ـ على الرغم من مصابه الجلل - تلاحقه العقوبات الجزائية، ولاسيما إذا قدمت من أصحاب الصفة والمصلحة نتيجة إهماله، ويكون هنا «القتل غير العمد» الذي يتميز بغياب الركن المادي، وهو غالباً ما ينتج عن إهمال الجاني وعدم انتباهه، أو رعونته، أو عدم التزامه بالأنظمة والقوانين.
وتابع أن المادة 393 من قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي نصّت على عقوبة الحبس والغرامة، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من تسبب بخطئه في موت إنسان مع عدم الإخلال بالدية المستحقة. كما يُعاقب - استناداً إلى نص المادة 394 من القانون ذاته - بالحبس مدة لا تزيد على سنة، والغرامة التي لا تزيد على 10 آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، من تسبب بخطئه في المساس بسلامة غيره.
ويُعاقب استناداً إلى المادة 399 من قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي بالحبس والغرامة، أو إحدى هاتين العقوبتين، كل من يرتكب عمداً فعلاً من شأنه تعريض حياة الآخرين للخطر.
كما يُعاقب استناداً إلى المادة 400 بالحبس مدة لا تزيد على سنتين كل من عرض للخطر، سواء بنفسه أو بواسطة غيره، حدثاً لم يتجاوز الـ15 من عمره.
وتنص المادة 401 على عقوبة الحبس والغرامة من عرض للخطر حياة طفل لم يتجاوز سبع سنوات، وكان ذلك في مكان معمور بالناس، سواء بنفسه أو بواسطة غيره.
وأضاف أن النقل بالحافلة المدرسية أفضل من السيارات الخاصة، لأن الحافلات مخصصة لذلك، ومتوافر فيها وسائل السلامة. كما أنها مؤمن عليها ولها اشتراطات محددة، وتخضع لمتابعة مستمرة من الجهات المسؤولة، حفاظاً على سلامة الطلبة.
ودعا ذوي الطلبة إلى التمتع بحس المسؤولية، والعزوف عن هذه الممارسات الخاطئة، وأن يعززوا الوعي الأمني والمجتمعي لديهم، حرصاً على حياة أبنائهم وزملائهم.