في مثل هذا اليوم 04-01-1643 ولد عالم الرياضيات والفيزياء الشهير الانجليزي اسحاق نيوتن
وُلد إسحق نيوتن سنة 1643، تزوجت والدته وتركته برعاية جدته عندما كان عمره 3 سنوات وعاد ليعيش معها في عمر الثانية عشر بعد وفاة زوجها. تعرّف على علم الكيمياء من خلال أحد الصيادلة أثناء دراسته في المدرسة، ودرس في جامعة كامبريدج وحصل على الماجستير في عام 1669 عندما كان عمره سبعة وعشرين عامًا. مارس
كان له العديد من الإنجازات في مجالات الفيزياء والحركة والرياضيات والبصريات، لعلّ أهمها قانون الجاذبية وله مؤلفات أشهرها: Principia الذي يُعتبر الكتاب الأكثر تأثيرًا على الفيزياء وتقريبًا مختلف العلوم حيث احتوى على معلومات تشمل مختلف جوانب الفيزياء تقريبًا باستثناء الطاقة، كما يُقدم وصفًا كمياً دقيقاً للأجسام أثناء الحركة. وكذلك، كتاب Opticks وهو أطروحة حول انعكاس، انكسار، تصريف وألوان الضوء. كما فسّر المدارات البيضاوية للكواكب وتأثير الجاذبية على حركتها، وشغل عدة مناصب؛ فقد كان بروفيسورًا في جامعة كامبريدج، ورئيس المجتمع العلمي الملكي، ونائباُ في البرلمان عن مدينة كامبريدج، وحاكماً للمصرف المركزي.
لم يتزوج نيوتن أبدًا كما أن طفولته البعيدة عن والدته تركت أثرًا واضحًا عليه من حيث إحساسه بعدم الأمان، لم يكن له الكثير من الأصدقاء، بينما كان له الكثير من المخالفين والمنتقدين خاصة من مجتمع العلماء عانى من مشاكل هضمية في أواخر حياته وتوفي بسببها.
بدايات إسحق نيوتن
وُلد إسحاق نيوتن في 4 كانون الثاني/ يناير عام 1643 في قرية وولزثورب في إنجلترا، وكان الابن الوحيد لمزارع محلي اسمه أيضًا إسحاق نيوتن، والذي توفي قبل ولادة ابنه بثلاثة أشهر. تزوجت والدته عندما كان عمره ثلاث سنوات بأحد الوزراء وذهبت للعيش معه تاركة نيوتن الصغير في رعاية جدته. هذه التجربة تركت أثرًا لا يمحى عند نيوتن يظهر بإحساسه بعدم الأمان ودفاعه الحاد لاحقًا عن أعماله وكتبه المنشورة.
في عمر الثانية عشر عاد نيوتن ليعيش مع والدته وأطفالها الثلاثة الجدد بعد أن توفي زوجها، وبدأ الدراسة في مدرسة الملك في قرية Grantham حيث استقر مع أحد الصيادلة المحليين وتعرف من خلاله على عالم الكيمياء الممتع.
قامت الأم بسحب ابنها من المدرسة لرغبتها في أن يصبح مزارعًا، إلا أن نيوتن فشل فشلًا ذريعًا لإحساسه برتابة وملل هذا العمل ليعود لاحقًا إلى المدرسة. وقد دفعت سماته الإبداعية التي بدأت تبدو عليه عمه -المتخرج من كلية اللاهوت في جامعة كامبريدج- إلى إقناع والدته بإرساله إلى الجامعة في عام 1661.
عند دخول نيوتن إلى كامبريدج كانت الثورة العلمية في القرن السابع عشر في أوجها، حيث كانت نظريات عالمي الفلك نيكولاس كوبرنيكوس ويوهان كيبلر حول مركزية الشمس في الكون والتي تم تنقيحها لاحقًا من قبل غاليليو قد أصبحت معروفة في كل الدوائر الأكاديمية الأوروبية، والفيلسوف رينيه ديكارت قد بدأ بوضع محتوى جديد معقد للطبيعة.
حتى ذلك الوقت كانت كامبريدج كغيرها من الجامعات الأوروبية تعتمد فلسفة أرسطو القائمة على مركزية الأرض في الكون والتي تتعامل مع الطبيعة وفق مصطلحات نوعية وليس كمية.
خلال سنواته الثلاث الأولى في جامعة كامبريدج، درس نيوتن المنهاج الأساسي ولكنه كان مهتمًا بالعلوم المتقدمة حيث كان يمضي أوقات فراغه في قراءة كتب فلاسفة عصره وتدوين ملاحظات أظهرت فيما بعد أن نيوتن توصل لتعريف جديد للطبيعة شكل إطار الثورة العلمية.
إنجازات إسحق نيوتن
رغم أن نيوتن لم يتخرج بدرجات شرف من الجامعة، إلا أن جهوده كُوفئت بحصوله على لقب باحث ودعم مالي لأبحاثه لمدة أربع سنوات. لسوء الحظ، فإن اجتياح الطاعون لأوروبا عام 1665 ووصوله إلى كامبريدج أجبر الجامعة على الإغلاق حيث عاد نيوتن إلى قريته ليتابع دراسته الخاصة، وخلال الأشهر الثمانية عشر من الانقطاع عن الجامعة توصل لطريقة الحسابات المتناهية في الصغر والتي وضعت الأساس لنظريته حول الضوء واللون وشكَّلت تقدمًا هامًا في قوانين حركة الكواكب وقادته لنشر كتابه الأشهر "Principia" عام 1687. وخلال هذه الفترة اختبر نيوتن إلهامه الأساسي في نظرية الجاذبية وهو حادثة سقوط التفاحة.
عندما انحسر خطر الطاعون عام 1667 عاد نيوتن إلى جامعته واستطاع الحصول على درجة الماجستير عام 1669 قبل بلوغه السابعة والعشرين. خلال هذا الوقت قرأ كتاب نيكولاس ميركاتور حول طرق التعامل مع السلاسل اللانهائية، وكتب أطروحته التي يشرح فيها نتائج موسعة بشكلٍ أكبر وشاركها مع صديقه ومشرفه إسحاق بارو.
في حزيران/ يونيو من عام 1669 قدم بارو الورقة البحثية غير المعتمدة بعد إلى عالم الرياضيات البريطاني جون كولينز وعرّف نيوتن بقوله: "السيد نيوتن.. صغير جدًا ولكنه بارع وعبقري في هذه الأمور".
هذا العمل جذب انتباه مجتمع علماء الرياضيات البريطانيين إلى نيوتن، وبعد ذلك بفترة قصيرة استقال إسحاق بارو من منصبه الأكاديمي في جامعة كامبريدج ليحل نيوتن محله.
كبروفيسور فقد توقف نيوتن عن التدريس بشكلٍ منتظم ولكنه استمر في إعطاء محاضرات سنوية حول أعماله عن البصريات، والتي اعتمدت بجزءٍ منها على الاستفادة من التلسكوب الذي صممه في عام 1668 والذي يُعد أول إنجازاته العلمية الكبيرة وقد ساعده بشكلٍ كبير في إثبات نظريته حول الضوء واللون، ونشر ملاحظاته هذه عام 1672 والتي أصبحت لاحقًا جزءًا من مؤلفه Opticks وهو أطروحة حول انعكاس، انكسار، تصريف وألوان الضوء.
رغم ذلك، لم يكن جميع أعضاء الأكاديمية الملكية متحمسين لاكتشافات نيوتن في علم البصريات، ومنهم العالم روبرت هوك والذي كان له مجموعة من الإنجازات في عدة مجالات خاصة الميكانيك والبصريات وكان يرى بأن الضوء مكون من أمواج على عكس ما نشره نيوتن في ورقته البحثية حول أن الضوء الأبيض مكون من جزيئات من كل ألوان الطيف، وهو ما دفع هوك إلى مهاجمة نيوتن وطريقته في البحث ونتائجه بشكل قاسٍ.
لم يكن روبرت هوك الوحيد الذي أبدى اعتراضات على نتائج أبحاث نيوتن في البصريات فقد شاركه في ذلك العالم الهولندي الشهير كريستيان هايجين بالإضافة لبعض العلماء الفرنسيين، ولكن انتقادات هوك بقيت الأشد والأكثر تأثيرًا نظرًا لارتباطه المباشر بالمجتمع العلمي الملكي.
وقد استمر الخلاف بين العالِمين لعدة سنوات حتى عام 1678 حين عانى نيوتن انهيارًا عصبيًا حادًا، تبع ذلك بعد سنة وفاة والدته وهو ما أدخله في عزلةٍ اجتماعية لست سنوات. خلال عزلته عاد نيوتن لدراسة الجاذبية وتأثيرها على مدارات الكواكب وكانت إحدى أفكار غريمه هوك هي من أرشدته إلى الطريق الصحيح التي قد تفسر الجاذبية بين الكواكب وتأثيرها على شكل المدارات بحيث تأخذ الشكل البيضاوي.
في عام 1687 وبعد 18 شهرًا من العمل المكثف نشر نيوتن كتابه (المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية) والذي اشتهر لاحقًا ب Principia. واعتبر الكتاب الأكثر تأثيرًا على الفيزياء وتقريبًا مختلف العلوم حيث احتوى على معلومات تشمل مختلف جوانب الفيزياء تقريبًا باستثناء الطاقة.
يقدم الكتاب وصفًا كميًا دقيقًا للأجسام أثناء الحركة من خلال ثلاثة قوانين رئيسية:
1- الجسم الساكن سيبقى ساكنًا ما لم تُطبق عليه قوة خارجية.
2- القوة تساوي حاصل ضرب الكتلة بالتسارع، والتغير في الحركة يتناسب مع القوة المطبقة.
3- لكل فعل هناك رد فعل مساوٍ له بالشدة ومعاكس بالاتجاه.
هذه القوانين لم تساعد في تفسير المدارات البيضاوية للكواكب فقط، بل فسرت تقريبًا كل حركة في الكون مثل كيفية بقاء الكواكب ضمن مداراتها البيضاوية نتيجة قوة جذب الشمس وكيفية دوران الأقمار حول كواكبها والمذنبات حول الشمس، كما سمحت لنيوتن بحساب كتلة كل كوكب، ومساحة سطح الأرض عند القطبين وانتفاخ خط الاستواء، وكيف تؤثر جاذبية الشمس والقمر على المد والجزر على الأرض. ووفق حسابات نيوتن فإن الجاذبية هي التي تحافظ على توازن الكون.
مع نشر الطبعة الأولى من Principia ادّعى هوك أن نيوتن سرق أفكاره، إلا أن هذا الادعاء لم يكن صحيحًا حيث أن أغلب العلماء كانوا يعلمون أن هوك لم يثبت بالأدلة أبدًا صحة أفكاره، لكن رغم ذلك كان نيوتن غاضبًا من التهمة ودافع بشراسة واستمر هوك بعدائه، ولعِلمه أن نيوتن سيُنتخب رئيسًا للمجتمع العلمي الملكي رفض التقاعد والتخلي عن منصبه حتى وفاته عام 1703.
كتاب Principia رفع مكانة نيوتن العالمية وغيّر من اهتماماته حيث بدأ يجد نفسه في أمورٍ أخرى؛ فقاد المقاومة ضد الملك جيمس الثاني وانتُخب ممثلًا عن كامبريدج في البرلمان. رغم ذلك فإن العديد من علماء القارة ظلوا يدرسون الميكانيك وفق نظرة أرسطو القديمة باستثناء مجموعة من العلماء الشباب ومنهم صديق نيوتن الذي تعرف عليه في لندن عالم الرياضيات السويسري نيكولاس دي دوييه.
في عام 1693 عانى نيوتن من انهيارٍ عصبي مرةً أخرى وكان من الصعب تحديد السبب المباشر رغم تعدد الأسباب المقترحة لذلك ومنها: خيبة أمله من عدم تعيينه في مناصب أعلى من قبل ملوك إنجلترا، وخسارته لصداقته مع دي دوييه، والإرهاق الناتج عن ضغط العمل وحتى التسمم المزمن بالزئبق نتيجة عقود من التجارب الكيميائية، إلا أن رسائله لأصدقائه كانت مشوشة ومليئة باتهامات لهم بالخيانة والتآمر عليه.
سرعان ما استعاد نيوتن عافيته واعتذر من أصدقائه وتابع عمله وأبحاثه إنما هذه المرة في الأمور الدينية كونها واحدةً من المواضيع التي كانت تشغل بريطانيا في القرن السابع عشر، وفي عام 1699 تسلم نيوتن منصب حاكم المصرف المركزي حيث أعاد سك العملة وعاقب المزورين ونقل الجنيه الإسترليني من معايير الفضة إلى الذهب.
في عام 1703 انتُخب نيوتن رئيسًا للمجتمع العلمي الملكي، وفي عام 1705 منحته ملكة إنجلترا آن لقب فارس (سير) وهو ما أعطاه قوة ونفوذًا استخدمهما بشكل استبدادي ضد غيره من العلماء متجاهلًا فكرة أن العلم هو عمليه تعاونية، ففي عام 1705 ادعى العالم الألماني غوتفريد لايبنز أن نيوتن سرق بحثه حول الحسابات اللامتناهية الصغر، ولتبيان حقيقة الادعاء شكّل المجتمع الملكي لجنة كان لنيوتن بحكم رئاسته للمجتمع القدرة على التحكم بتعيين أعضائها وبشكلٍ متوقع فإن قرارات اللجنة كانت لصالح نيوتن.
تكرر الأمر مع الفلكي جون فلامستييد الذي حاول نيوتن الحصول على ملاحظاته وعمله حول النجوم للاستفادة منها، إلا أن فلامستييد تمكن من الحصول على حكم من المحكمة لإيقاف نيوتن هذه المرة.