رموزالسلام الحمام,غصن الزيتون والرايةالبيضاء
رموز السلام تختلف من شعب لآخر، فلكل شعب قصته
الخاصة مع رمز السلام الذي اختاره، فمجسم طائر الكركي الورقي هو رمز للسلام بالنسبة
للشعب الياباني، لكنه ليس كذلك بالنسبة للشعوب العربية، من جانب آخر هناك رموز سلام
عالمية عابرة للحدود وللثقافات، ومفهومة من قبل كل شعوب الأرض، مثل الحمامة البيضاء.غصن الزيتون والراية البيضاء
غصن الزيتون
بعض المصادر تشير إلى أن سيدنا نوح عليه السلام
أرسل حمامة لتستكشف إن انتهي الطوفان وانخفض مستوى المياه، وعادت الحمامة وهي تحمل
في منقارها غصن زيتون، فإذا صحت تلك الرواية فهذا يعني أن غصن الزيتون اعتبر رمزاً
للسلام وللخلاص منذ ذلك الزمن البعيد.
في التاريخ المعروف نعرف أن العروس في اليونان
القديمة كانت تضع على رأسها غصن زيتون وكذلك الفائزين في الألعاب الأولمبية.
الحمام:
الحمام من الطيور التي تتزاوج لتعيش مع شريكها
مدى الحياة، فهي طيور مخلصة للغاية، وتبذل جهدا كبيرا في تربية الفراخ الصغيرة قبل
أن تكبر، كما أنها تبني أعشاشها في المناطق القريبة من المستوطنات السكنية البشرية.
هذا الأمر أعطى الناس فكرة عن حياة الولاء والرعاية والحب بين هذه الطيور، فربط البشر
سريعا الحمامة البيضاء بالنقاء والصفاء والسلام.
في الدين الإسلامي الحنيف، لطالما كان للحمامة
شأن كبير خاصة وأنها من حمت رسول الإنسانية، محمد صلى الله عليه وسلم، عندما اختبأ
مع رفيقه، أبي بكر الصديق رضي الله عنه، في غار ثور بينما كانت قُريش بأكملها تبحث
عنهما ليُطفئوا شعلة الحق والنور. فأرسل الله العنكبوت ليُحيك بيته على باب الكهف،
وحمامتين لتجلسا في عشهما على باب الكهف فخُيِّل لقريش أنه لا أحد دخل في الكهف. فارتبطت
الحمامة منذ القدم بالحب والسلام. أيضا في قصة سيدنا نوح عليه السلام بعد الطوفان
العظيم الذي غمر الأرض إلا سفينة نوح ومن عليها من المؤمنين والحيوانات، عندها كان
يُرسل سيدنا نوح حمامة لتكتشف إن كان هناك يابسة، وفي كل مرة كانت تعود خالية في دلالة
على أن الماء لم يجف بعد ولم تظهر اليابسة، وفي مرة أرسل سيدنا نوح الحمامة فعادت وفي
منقارها غصن زيتون، ففرح بها فرحا شديدا لأن ذلك يعني أن الأشجار بدأت تظهر والمياه
بدأت بالانحسار، وفي مرة أخرى عادت الحمامة وقد تلطخت أقدامها بالطين، ما يعني أن اليابسة
قد ظهرت. منذ ذلك الوقت ارتبطت الحمامة بمنقارها غصن زيتون مع السلام.
في الأساطير اليونانية، ترتبط الحمامة مع الحب
والرومانسية. إذ تُصور الآلهة اليونانية أفروديت مع حمائم تُحلق حولها أو تستريح على
يدها، كما تقول الأسطورة اليونانية أن أفروديت وُلدت في عربة حُملت من طيور الحمام.
كما يُعرف في الأساطير اليونانية أن بنات أفروديت، الشقيقات السبع في السماء، هُنّ
سرب من الحمائم. لذلك كانت رمزية هذه الطيور في العصور الوسطى مرتبطة بالحب والرومانسية
والنقاء.
في ثقافة الأزتيك القديمة، تعتبر
Xochiquetzal هي آلهة الحب حسب
معتقداتهم، ويُشاع في الأسطورة أنها نزلت إلى الأرض بعد الطوفان العظيم على شكل حمامة
وأعطت العالم هدية الكلام واللغات!
في الأساطير الهندوسية، “كاماديفا” هو آلهة الحب
الذي يُعرف بأنه يطير على ظهر حمامة! لذلك عادة ما يُرمز للحمام لدى الهندوسيين بالحب!
ارتباط الحمام بالسلام
من القصص التاريخية التي ربطت رمزية الحمامة
بالسلام، قصة من آسيا الوسطى، حيث كان ملكان يتجهان للحرب، سأل أحد الملكين عن سلاحه
وخوذته، فأخبره الجنود أن حمامة صنعت عشها في خوذته، فطلبت أم الملك منه أن يترك الحمامة
وصغارها ولا يؤذيهم ما اضطر الملك للذهاب إلى الحرب دون خوذته وسلاحه، وعندما شاهد
الملك الثاني خصمه دون عتاده، دعاه للتفاوض والمحادثات، وعندما عرف الملك الثاني رحمة
خصمه بحمامة وتركه لخوذته وسلاحه لأجلها وصغارها رأى أنه من الخطأ أن يُقاتل هذا الملك
ومملكته، واتفقوا على السلام. من هنا رُمز للحمامة البيضاء بالسلام والحب.
كما أن العديد من الفنانين والرسامين اختاروا
الحمامة لتكون رمز للسلام، تماما مثل بيكاسو في عمله الفني La Colombe، حيث أظهر الحمامة مع غصن زيتون بمنقارها. وتم اختيار هذا الشعار ليكون
رمزا للسلام في مؤتمر السلام العالمي بباريس عام 1949م، بعد ذلك أصبحت الحمامة رمز
شعبي وعالمي للسلام في العالم الحديث
الراية البيضاء
الراية البيضاء رمز الاستسلام، هو أمر بديهي
ومعروف لدى الجميع، لكن هل سألت نفسك لماذا اللون الأبيض تحديدا؟
يقول الكاتب الروماني، كورنيليوس تاسيتوس، أن
الظهور الأول للراية البيضاء، كان عام 109 م، في معركة كريمونا الثانية التي وقعت في
عام 69م، إذ كان الرمز الروماني المميز للاستسلام هو رفع الجنود دروعهم فوق رؤوسهم.
أما الراية البيضاء فيعتقد المؤخرين أنها رفعت
قديما، كون القماش الأبيض كان الأكثر شيوعا وفي متناول الجميع، فضلا عن أن اللون الأبيض
لون مميز يمكن تمييزه أثناء احتدام المعركة.
أما العالم الحديث فيعتبر الراية البيضاء، رمزا
دوليا ليس فقط للاستسلام، بل للإشارة لوقف إطلاق النار وإجراء المفاوضات في ساحة المعركة.
0 comments