دور المرأة في المجتمع الجزائري
إذا كان التاريخ يشهد أنّ المرأة الجزائرية في القديم ودون سلخها عن طبيعة أغلبية المجتمعات في ذلك العهد ، قد استطاعت بحيويتها و قوتها وكفاءتها أن تعمق على الدوام مظاهر ومعاني الاحترام والتقدير لها وسط الأسرة والمجتمع ، وأن توسّع مشاركتها في الحياة اليومية العامة بكل مجالاتها في الحرب والسّلم ، مع وجودها كقاعدة أساسية للأسرة ، وإذا كانت مراحل معينة من هذا التاريخ قد سجّلت تولي المرأة لمسؤوليات قيادية كانت فيها صاحبة الأمر والنهي ، و صاحبة الكلمة الأخيرة في جلائل الأمور وقت الشدّة واليسر ، فإنّ مرحلة الكفاح المسلح قد أعطت للمرأة مجالاً أوسع إلى جانب أخيها الرّجل حيث أنّ حرب التحرير قد أعطت أهمية كبرى لتواجد المرأة في صفوف المجاهدين ،
وقد وردت في وثيقة مؤتمر الصومام الإشارة التالية : " كانت مساعدة الطلبة والطالبات كبيرة النّفع لا سيما في الميدان السياسي والميدان الإداري والميدان الصحّي " ممّا يبين أنّ المرأة والفتاة المتعلّمة وضعت منذ البداية كفاءتها رهن إشارة الثورة . أمّا تحت عنوان : " الحركة النسائية " فنجد مؤتمر الصومام يحيّ بإعجاب وتقدير المرأة الجزائرية الشُجاعة " توجد في الحركة النسائية إمكانيات واسعة تزداد وتكثر باطراد وإنّا لنحي بإعجاب وتقدير ذلك المثل الباهر الذي تضربه في الشجاعة الثورية للفتيات والنساء الزوجات والأمهات ... جميع أخواتنا المجاهدات اللائي يشاركن بنشاط كبير وبالسلاح أحيانا في الكفاح المقدس من أجل تحرير الوطن . "
دور المرأة في إصلاح المجتمع
إن دور المرأة في إصلاح المجتمع دور له أهميته الكبرى، وذلك لأن إصلاح المجتمع يكون على نوعين:
النوع الأول:
الإصلاح الظاهر:
وهو الذي يكون في الأسواق، وفي المساجد، وفي غيرها من الأمور الظاهرة، وهذا يغلب فيه جانب الرجال لأنهم هم أهل البروز والظهور.
النوع الثاني:
إصلاح المجتمع فيما وراء الجدر:
وهو الذي يكون في البيوت، وغالب مهمته موكول إلى النساء لأن المرأة هي ربة البيت، كما قال الله سبحانه وتعالى موجهاً الخطاب والأمر إلى نساء النبي في قوله: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب:33].
أهمية دور المرأة في إصلاح المجتمع:
نظن بعد ذلك أنه لا ضير علينا إن قلنا: إن إصلاح نصف المجتمع أو أكثر يكون منوطاً بالمرأة.
السبب الأول:
أن النساء كالرجال عدداً، إن لم يكن أكثر، أعني أن ذرية آدم أكثرهم من النساء، كما دلت على ذلك السنة النبوية، ولكنها تختلف من بلد إلى بلد ومن زمن إلى زمن، .وعلى كل حال فإن للمرأة دوراً كبيراً في إصلاح المجتمع.
السبب الثاني:
أن نشأة الأجيال أول ما تنشأ إنما تكون في أحضان النساء، وبه يتبين أهمية ما يجب على المرأة في إصلاح المجتمع.
مقومات إصلاح المرأة في المجتمع:
لكي تتحقق أهمية المرأة في إصلاح المجتمع، لا بد للمرأة من مؤهلات أو مقومات لتقوم بمهمتها في الإصلاح..
المقوم الأول:
صلاح المرأة:
أن تكون المرأة نفسها صالحة، لتكون أسوة حسنة وقدوة طيبة لبنات جنسها،
إذن فلا بد لصلاح المرأة من العلم، لأنه لا صلاح إلا بالعلم.
المقوم الثاني:
البيان والفصاحة:
أي أن يمن الله عليها - أي على المرأة - بالبيان والفصاحة، بحيث يكون عندها طلاقة لسان وتعبير بيان تعبر به عما في ضميرها تعبيراً صادقاً، يكشف ما في قلبها وما في نفسها من المعاني،
نقول: الطريق إلى ذلك هو أن يكون عند المرأة شيء من العلوم العربية: نحوها، وصرفها، وبلاغتها، وحينئذٍ لا بد أن يكون للمرأة دروس في ذلك ولو قليلة، بحيث تعبر عما في نفسها تعبيراً صحيحاً تستطيع به أن توصل المعنى إلى أفئدة النساء اللاتي تخاطبهنّ.
المقوم الثالث:
الحكمة:
أي أن يكون لدى المرأة حكمة في الدعوة، وفي إيصال العلم إلى من تخاطب، وحكمة في وضع الشيء في موضعه، كما قال أهل العلم، وهي من نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد، أن يؤتيه الله الحكمة. قال الله عز وجل: (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [البقرة:269].
المقوم الرابع:
حسن التربية:
أي أن تكون المرأة حسنة التربية لأولادها، لأن أولادها هم رجال المستقبل ونساء المستقبل، وأول ما ينشئون يقابلون هذه الأم، فإذا كانت الأم على جانب من الأخلاق وحسن المعاملة، وظهروا على يديها وتربوا عليها، فإنهم سوف يكون لهم أثر كبير في إصلاح المجتمع.
لذلك يجب على المرأة ذات الأولاد أن تعتني بأولادها، وأن تهتم بتربيتهم، وأن تستعين إذا عجزت عن إصلاحهم وحدها بأبيهم أو بولي أمرهم، إذا لم يكن لهم أب من إخوة أو أعمام أو بني أخوة أو غير ذلك.
ثم إن التسليم للواقع أمر غير وارد في الشريعة الإسلامية، ولهذا لما بعث النبي في أمته مشركة يعبد أفرادها الأصنام، ويقطعون الأرحام، ويظلمون ويبغون على الناس بغير حق، لم يستسلم ، بل لم يأذن الله له أن يستسلم للأمر الواقع، بل قال سبحانه وتعالى له: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ) [الحجر:94].
المقوم الخامس:
النشاط في الدعوة:
أي أن يكون للمرأة دور في تثقيف بنات جنسها، وذلك من خلال المجتمع سواء أكان في المدرسة أو الجامعة أو في مرحلة ما بعد الجامعة كالدراسات العليا. كذلك أيضاً من خلال المجتمع فيما بين النساء من الزيارات التي تحصل فيها من الكلمات المفيدة ما يحصل.
ولقد بلغنا - ولله الحمد - أن لبعض النساء دوراً كبيراً في هذه المسألة، وأنهن قد رتّبْنَ جلسات لبنات جنسهن في العلوم الشرعية، والعلوم العربية، وهذا لا شك أمر طيب تحمد المرأة عليه، وثوابه باقٍ لها بعد موتها لقول النبي : { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له }.
شكرا
ReplyDelete