المحور الأول: في التفكير العلمي
كان لانفتاح العرب على الثقافات المجاورة و توافد معارف جديدة أن تنشّط العقل و ازدهرت حركة الترجمة من الفكر اليوناني علوما و فلسفلة فتراكمت المعارف مما احتاج معه العالم العربي المسلم إلى تدخل العقل لمزيد تفعيل الوافد العلمي و الفلسفي.
و لم يقتصر عمل العالم العربي على الاقتباس بل كانت الإضافة مرحلة هامة في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية عملا بقول الجاحظ: "ينبغي أن يكون سبيلنا لمن بعدنا كسبيل من كان قبلنا فينا."
فلم تكن غاية العلماء العرب القدامى نقل المعارف السابقة للأمم الأخرى و تلقينها بل كانت غايتهم إيقاظ العقول و تعليمها منهجا في التفكير يهديها. ففي تراثنا الأدبي و الفكري و الفلسفي و حتى الفقهي منزع عقلي نشأ في صلب العلوم الإسلامية و على هامشها في الآن نفسه و قد جلاه علم الكلام.
1. دور العقل في إنتاج القيم المعرفيّة:
إنّ إجلال العقل منهجا في إنتاج العلوم عند المسلمين أمر لا يختلف فيه اثنان و لقد أدرك العالم العربي
و المسلم عموما أن الحواس لا تقدّم إلاّ معرفة حسيّة ظنيّة و عليه فلا بدّ من تدخّل العقل ليحسم الأمر فقال الجاحظ: "لا تذهب إلى ما تريك العين و اذهب إلى ما يريك العقل و العقل هو الحجّة". فكان آلة التّمييز بين الخطأ و الصّواب و سبيلا لاستنباط المعرف عند العلماء و الفلاسفة فالفرابي و ابن سينا و الكندي و الغزالي و التوحيدي و ابن خلدون و غيرهم كثير لم يجدوا من بد إلى المعرفة العقليّة إلا العقل سبيلا. فكان تحمّسهم للمنطق و الشّك
و التّجريب و إعمال القياس و البحث في أصول الأسباب والمعلومات مما ألهمهم إلى ابتكار نظريّات جديدة
و تطوير العلوم السّابقة.
و لا ننسى ما تركه ابن خلدون في علم العمران البشري و لا إسهامات ابن الجزار في تطوير الأدوية و لا تلك الاختراعات العجيبة للإبشيهي في علم الحيل و علم الميكانيكا.
2. دور العقل في صنع القيم السلوكية:
لم يهمل العالم العربي قديما مجال السّلوك و الأخلاق في بحثه لأنّ ذلك مقياس التّحرّر فراح يدعوا إلى اعتماد العقل ملكة في ضبط السّلوك إيمانا منه بالتّطابق بين العمل بالعقل و بين نتائج العقل فكان يجلّ السّلوك و الأخلاق لأنّها الضّامن الوحيد إلى نجاح مشروعه الفكريّ و الحضاريّ و الإنسانيّ.
3. سمة العالم العربيّ:
• الموضوعيّة: لم يكن العالم العربي القديم ذاتيّا في أحكامه دغمائيّا في أفكاره انطباعيّا في أحكامه بل كانت الموضوعيّة سمة مميّزة له في البحث لذلك لم يكن يسلّك أفكاره على الآخر و لم يرفض آراءه على المتقبّل و إنّما كان الحجاج و السّجال و الجدل هدفا مميّزا لأعماله
• الانفتاح: التّحرر الفكر علامة معلى المشروع الإنسانيّ الذي كان يرنو إليه المبدعون العرب القدامى. فهم مؤمنون بأنّ المعرفة ليست حكرا على أمّة دون أخرى و إنّما هي مشروع مشترك و الحقيقة أخطاء نصلحها باستمرار. فكان مؤمنا بحقّ الآخر في الاختلاف محترما لثقافته رافضا التّعصّب داعيا إلى التّكامل بين السّابق و اللاحق فانعكس هذا كلّه على المشهد المعرفيّ العربيّ عصرئذ لذلك تحضر في أعمالهم آراء الفلاسفة القدامى للإغريق و تزخر مؤلّفاتهم و مصنفاتهم العلميّة بآراء أهل الاختصاص من فلاسفة اليونان لأنّ الحقّ واحد و إنّما الإتلاف فيه من جهة السّلوك إليه على حد عبارة ابن الهيثم عالم البصريّات المشهور.
• التّسامح: إنّها ميزة الباحث عموما و خصلة فريدة ميّزت العلماء القدامى و ارتقت بأعمالهم إلى مرتبة الكونيّة بما في وفّره العصر من تلاقح حضاري و تثاقف. و إن المتأمل في الحضارة العربيّة الإسلاميّة قديما يدرك أنّها لم تكن حضارة منغلقة على نفسها رافضة التّواصل مع الآخر فلو لجأنا إلى قدر قوّتنا في لما أمكننا التّواصل و الإنسان مدي بطبعه يحتاج إلى غيره لتكتمل آراؤه فتتوضّح له مجالات من البحث جديد كانت من قبل مجهولة لديه.
4. موقع العالم العربيّ القديم من الحضارة الإنسانيّة قديما و حديثا:
لا تزال أعمال ابن الجزّار و ابن النّفيس و ابن البيطار في الطبّ و الخوارزمي في الرّياضيّات و ابن الهيثم في البصريّات و ابن رشد في شروحه لفلسفة أرسطو حاضرة اليوم في أكبر جامعات العالم و لا تزال مؤلّفاتهم يله جبها أصحاب الاختصاص.
لقد ساهموا حقّا في تفعيل العلوم لما ابتكروه من نظريّات جديدة في مختلف المجالات: الطبّ و الفيزياء و علم الحيل (كيمياء)... و إن النهضة الغربيّة لم تكن لتكون لولا أعمال العالم العربيّ القديم و ما قدمه للإنسانيّة من خدمات.
فمن التعسّف إذن أن نقصي اليوم دورهم و نتغافل عن أفكارهم و إنّما هي لنا اليوم معين في سبيل إرساء علوم عربيّة جديدة تعد للحضارة العربيّة الإسلامية بريقها حتّى نفتكّ لنا مكانة تحت الشمس في عصر لا يعترف إلاّ بما تنجزه من علوم و إلاّ سنبقى على هامش التّاريخ لا نقوى أمام عواصف التّغيير.
المحور الثّاني: في الفنّ و الأدب
أدرك العرب و المسلمون عموما ما للفنون من دور فعال في التّحضّر فاهتمّوا بها و نزّلوها المنزلة السّامية لما لها من أثر على النّفوس و الأخلاق في سبيل الارتقاء بالإنسان من المنزلة الدّونيّة إلى أخرى فنيّة جماليّة.
1. بلاغة الفنّ القوليّ:
الشّعر ديوان العرب و ليه أودع المبدع العربيّ قديما هذا الفنّ القولي أحاسيسه و أفكاره و مقاصده فكان الشّعر سبيلا إلى عطف القلوب على القيم الحسنة و تنفيرا من القيم الرذيلة و كذلك الشّأن في النّثر فالنّاظر إلى كليلة و دمنة مثلا يدرك ما لهذا الأثر من قيمة في توجيه السّلوك ة حمل الإنسان على إعمال العقل آلة في التّمييز بين الصّالح و الطّالح.
2. بلاغة الفنّ السّمعيّ:
يحتاج الإنسان في حياته إلى الموسيقى لدفع الملل و السّأم لأنّ النّفوس تصدأ كما يصدأ الحديد لذلك اهتمّ الفلاسفة و العلماء بالموسيقى لما وجدوا فيها من غايات نبيلة و تهذيب للأذواق و التّرويح عن النّفوس. و كان الفاربي علامة مميزة في هذا الإطار و هو القائل "من لم يكن موسيقيا لا يدخلنّ علينا" و حذوه سار ابن سينا الذي كان يتخذ من الموسيقى منهجا في مداواة مرضاه و أمّا الغزالي و هو إمام فقيه و فيلسوف فقال "من لم يهزّه العود و أوتاره و الربيع و أزهاره فهو فاسد المزاج يحتاج إلى علاج".
3. بلاغة الفنّ البصريّ:
تزخر العمارة العربيّة الإسلاميّة بفنون جميلة راقية تقف شاهدا على عبقريّة الفنان العربي المسلم و على رفعة حسّه الجماليّ و عمق خياله و ثراء إبداعه.
و مما لا شكّ فيه ان للدّين أثرا في ذلك فلقد كان الفنان العربي المسلم محبا للفضيلة شغوفا بالجمال يتتبّعه في الوجود مقدّسا للحقّ بما انعكس على أعماله في الرقش و الخطّ و عمارة المساجد و القصور و المنازل و في المنمنمات.
لقد أودع فنه سر خلوده إلى اليوم و إنّنا لنشعر اليوم و نحن نقف أمام هذه الأعمال في مختلف أنحاء البلاد الإسلامية إلا بالاعتزاز و الفخر فنكبّر فيهم إحساسهم المرهف و دقّة أعمالهم و ما توفرت عليه من مرجعيّات جماليّة ذات خصوصيّة بالثّقافة العربيّة الإسلاميّة.
لقد كانت العمارة العربية الإسلاميّة و فنّ الخطّ وجها آخر من قوّة تلك الحضارة و علامة مميزة لها و مثال على حب الجمال و السّعي الدّؤوب إليه.
و لم يكن المهندس العربي قديما ينشأ إبداعه من فراغ و هو الذي تأثّر بتعاليم الدّين الجديد و بالفنون السّابقة له في الحضارات الأخرى اليونانيّة و الرّومانيّة و الفارسيّة و غيرها و لكنّه استطاع أن يهب أعماله خصوصيّة نادرة تقف دليلا على قوّة الإبداع، فالمتأمّل مثلا في عمارة المنزل العربي قديما و في هندسة المدينة العربية العتيقة أسوارا و أزقّة و أسواقا و منازل و قصورا يلحظ أنّها بسيطة من الخارج و حسبه أن يتوغّل في الدّاخل فيأخذه الفنان إلى لوحات جماليّة فاتنة تسبي العقول.
إنّ الظّاهر ليس محددّا لقيمة الأشياء و إنّما الجوهر هو المرجع في القيم و الأخلاق و تلك الفكرة منبثقة عن الدّين ترسخ قيمه فتعيد إنتاجها فنيّا.
و صفوة العقول إن الفنان العربي المسلم في القديم كان محبا للجمال حساسا متعطّشا للقيم الأصيلة فأودع فنه سر الخلود و رؤيته للجمال و الوجود. فكان بحق علامة مميّزة للحضارة العربية الإسلاميّة التي اهتمّت بالفنون و أجلّت الجمال خلافا لما يروّج له أعداؤها اليوم من أنّ الإسلام كان مانعا من الموانع دون إدراك الجمال و الوصول بالفنّ إلى ذرى الخلق و الإبداع.
الموسيقى : " إنّها أداتي المفضّلة لأتحرّر من بركان أحاسيسي فتفجّر ما في باطني من انفعالات , فهي تعبّر عن ذاتي, تنسيني همومي, تصوّر لي عالما جميلا رحبا, تجعلني في حالة انطلاق قصوى, تشعرني بأنّي كائن حرّ, كائن مليء بالأحاسيس والمشاعر النّابضة حياة وقوّة وإقبالا على الحياة. "
الرّسم: " هو وسيلتي لأبرز طاقاتي الكامنة, وهو أداتي لأعبّر عن مشاعري, أرسم عالمي الفسيح فأنطلق فيه دون قيود, فعندما أمسك الفرشاة فكأنّني امتلكت العالم وأمسكت بزمام الكون فوجّهته حسب إرادتي. فالألوان هي ألوان ذاتي والأشكال هي تموّجات روحي والأجسام هي معاني بعيدة المنال, أرمي من ورائها لمخاطبة النّفوس المرهفة الطّامحة لتحقيق المثل العليا في هذا الوجود القاتم."
الشّعر: " هو بلسم للنفوس الحزينة. هو شفاء للقلوب المرهفة حبّا وألما ومعاناة. الشّعر هو فنّ من فنون الأدب " مأساة أو لا يكون " فمثلما يعبّر عن ذاتي فهو يعبّر عن ذاتك وهو يعبّر عن هموم المجتمع, عن قضاياه, عن الواقع, وعن آلامه وآماله ومستقبله, مشيرا إلى الدّاء محاولا البحث عن الدّواء النّاجع لإصلاح ما تهرّأ من قيم مبتذلة بأخرى نبيلة مقدّسة. هو عالم الجمال الرّحب, وهو عالم الفضيلة, العالم المنشود)
المسرح: " هو فنّ الفرجة المتكاملة, فهو يتغذّى بالأدب, ويتجلّى أشكالا تعبيريّة هي الّلغة أدبا والحركة رقصا والموسيقى نغما, والرّسوم ديكورا وأشكالا , وهي الكائن الحيّ الممثّل فوق مسرح الحياة يمارس الفنّ, الحياة مباشرة فيكون التّأثير المباشر عاطفة وفكرا. فالمسرح يشبع رغباتي الوجدانيّة ورغباتي الفكريّة."
الغناء: " لحظة الإنصات والاستغراق في الأغنية هي لحظة مقتطعة من الزّمن, لأنّ الغناء الملتزم, الغناء الرّاقي هو ما يلامس ذاتي , ويخاطب فكري فيترك بصما ته العنيفة في الأعماق. يزلزل كلّ ذرّة في كياني. فلحظة النشوة القصوى هي لحظة التّماهي مع ذات المغنّي, فإذا به أنا أعبّر عن وجداني واضطرا بات نفسي."
السينما: هي أمّ الفنون وأكثرها تأثيرا في العامّة والخاصّة. فأن أشاهد شريطا يعني أن أتعلّم كيف أحيا, كيف أدرك مساوئ الواقع , فهي الّتي ترفع النّقاب عن قضايانا وأنا أحبّذ الأقلام الواقعيّة الّتي لا تبعدني عن الواقع ولا تزيّف الحقائق , بل تعلّمني أن أدرك أخطاءه ومواقع الخلل فيه وتدعوني ضمنا لضرورة البحث عن واقع أسعد, أفضل, فالممثّل في الشّريط هو أنا وأنت والقضايا المطروحة هي قضايا واقعنا المعيشي."
الفنّ: " إنّ الفنّ يغرس في الإنسان حبّ الوطنيّة. ويجذر فيه قيما نبيلة من خلال ما يعرضه على المشاهد من أفلام ومسلسلات تاريخيّة أو عن قصص الأنبياء. فهي كفيلة بجعل الإنسان يفخر بماضيه ويعتزّ، إذ تغرسه في تربته الحضاريّة وتحميه من الاستلاب الثّقافيّ.
والفنّ هو مجال الحريّة الفرديّة فمن خلاله يشعر الإنسان باستقلاله فكرا وقولا وعملا فيكون الخلق والإبداع.
والفنّ مهمّ في المجتمع إذ لا نبالغ إن قلنا إنّ الفنّ هو منبع كلّ حضارة فإذا أردت معرفة مدى عظمة مجتمع فانظر إلى فنّه. فالإهرامات مثلا تبرز مدى ذكاء المصريّين وقدرتهم على الإبداع الفنّي... وإذا أردت أن تدرك مدى تطوّر مجتمع ما فاحص دور السينما والمسارح فعددها يبرز مدى أهميّة الفنّ ومدى مساهمته في تطوّرهم.
فلوحة راقصة مثلا من شأنها أن تبرز عادات شعب ما وأفكاره وتقاليده...
والفنّ رسالة يتوجّه بها الفنان إلى المجتمع من خلال عرضه لقضايا اجتماعيّة مثل التفكّك الأسريّ والصّراع بين الأجيال والانحراف... فالفنّ كما قال "كوكتو": " الفنّ في شعب ثائر هو ثورته "... وهو صرخة في وجه الاستعمار أوالميز العنصريّ فيدفع الشّعوب إلى المقاومة ومحاولة التّجاوز مثل موسيقى الزّنج بأمريكا وشعر المقاومة الفلسطينيّة. وكما يقول " مالوي": " قوّة الفنّ تكمن في دفعنا إلى تحطيم لا يمكن تحطيمه "
الفنّ: "...إنّ الفنّ, يا أصدقائي, يبقى المحرّك الرّوحانيّ الأوّل في حياتنا, فهو يوفّر لنا الرّاحة النّفسيّة وينسينا همومنا ويسلّينا فنقبل على العمل بأكثر حيويّة فنرقى بأنفسنا ومن ثمّة بمجتمعاتنا. فلا رقيّ دون فنّ ولا حياة دون فنّ. فبئس حياة يعيشها الفرد لا مكان فيها للفنّ. ونعم الحياة حياة شعوب علا فيها الفنّ وأشعّ. فالفنّ يبقى أداة بها نعيش وبها نرتقي. وشعب دون فنّ كجسد دون روح. فالفنّ إذن, يا أصدقائي, كالعين الجارية إذا كثرت مياهها كثر الخير وإذا قلّت مات الزّرع وحلّ الشرّ."
السؤال موجه نيابة عنكم وليس لكم.. فأنا متأكدة بأن منيقرأ هذا المقال مؤمن أساسا بأهمية الفن، ولكن قد يكون في حيرة كبيرة بعض الأحيانأمام الآخرين لإيصال هذا المضمون لهم، فهو يعي دور الفن الذي ربما يكون ماثلاوواضحا في شخصه وتجربته وما أحدثه هذا المجال من تغيير في سلوكياته أو أسلوبالتفكير لديه، ولكن لا يستطيع التعبير عن ذلك بالكلمات لشرح وجهة نظرة.
نعم، مرة أخرى ما أهمية الفن؟ هل هو فقط للترفيه؟ أم مضيعة للوقت؟ أم نستخدمه لتزيينالمكان؟
الجواب طبعا أنه أهم من ذلك بكثير وتوجد محاور عديدة لتمثيل تلكالأهمية منها مثلا الفن الإسلامي.. فماذا بقي من الحضارة الإسلامية في الأندلس؟ ماالشواهد الدالة على عظمة الإسلام هناك؟ (من وجهة نظر غربية) أليست فنونه التي احتلتحقبة زمنية ومكانية كبيرة لا زالت قيد الدراسة في معظم الجامعات الغربية، ولا أدلعلى ذلك من الدخول على موقع الكتروني لكلية أو جامعة تدرس تاريخ الفن وتذوقه لتجدالفن الإسلامي يتربع على أحد أهم أقسامها أو ميادينها.
هذا من ناحية، ولكنمن ناحية أخرى نجد أن الفن أصبح وسيلة تربوية لتنمية التفكير الإبداعي، ويستخدمكوسيلة لا كغاية، أي أن ممارسة الفنون وعلى الأخص لدى الأطفال (وحتى الكبار) أصبحأحد وسائل تنمية مهارات مختلفة نظرا لتنوع الحواس التي يستخدمها وأسلوبه في الجمعبين وظائف الدماغ الأيمن والأيسر، وقد حظي أبنائي بفرصة حضور إحدى الدورات التيأقيمت للأطفال في هذا المجال على يد المبدعة إيمان الجبرين وذلك في معهد المهاراتوالفنون، خرج بعدها ابني وهو يحاول أن يحدثني من خلال أذني اليسار لأنه تعلم أن ذلكيقنعني أكثر، وخرجت ابنتي وهي تتحدث عن عظمة محمد السليم وآفاقيته المستمدة من خطالأفق.
وقد شهدت بنفسي تجارب مماثلة في أمريكا في أحد الفصول الدراسيةالمخصصة للموهوبين حيث حضرت حصة لمادة التاريخ للصف الرابع الابتدائي، يقوم العملفيها على عمل فني عبارة عن صندوق يتحدث عن حقبة زمنية معينة، وعلى الطلاب استخداممصادر في الانترنت لجلب المعلومات والصور مع رسم البعض منها وإخراجها جميعا في عملفني هو المتطلب الوحيد لهذا الدرس.
كانت فكرة مبهرة بالنسبة لي، فبينماالأطفال يمرحون في عمل فني إذا هم يتعلمون عن حضارات مختلفة بأسلوب مشوق وبدون واجبإلزامي عبارة عن ثلاثة أسئلة أجوبتها في الكتاب!
أهمية الموسيقى في حياتنا :
أولا تحية قلبية روحانية مليئة بالموسيقى إلى كل من يقرأ هذا الموضوع …
إنني أتكلم عن أهمية الموسيقى في حياتنا لان البعض منا لا يعرفون إلى الآن ما هو التأثير الذي تحدثه الموسيقى داخل أنفسنا وما هي فائدتها في حياتنا ……
أولا قد تستغربون إذا قلت لكم إن للإنسان فمان الفم الأول هو الذي نأكل منه الطعام والفم الثاني هو الأذنين التين نأكل منهم الموسيقى فالأذن فم الموسيقى ومعدتها الروح .. ولهذا الطعام تأثيره الخارق على قلوبنا وعلى أنفسنا فالموسيقى تنشط وتريح وتنظم دقات القلب والموسيقى تجرد الإنسان من كل شيء سيئ وخصوصاً القسوة و الخداع و الحقد و تزرع فيه الحنان و الحب والسعادة و أهم شيء طيبة القلب و تجعله إنسان بكل معنى الكلمة في زمن امتلئ بالوحوش فكل من يسمع الموسيقى هو نبع من الحب و الإخلاص و الحنان و الموسقين أي آبائنا الذين أذابوا روحهم من أجل الموسيقى هم وبكل فخر الحياة لانهم هم من جعلوا لها طعمها الحقيقي …وكما قال أحد الفلاسفة الألمانيين و ما أصدق نيته في قوله ( لولا الموسيقى لكانت الحياة خطاء ) و للموسيقى أنواع ولكل واحدة طعم منها الصاخب و هي منشطة للجسم ومنها الهادئة وهي مهدئة للجسم ومرخية للأعصاب وقاتلة للقلق ومنها الهادئة الحزينة التي تلمس الوجدان وتحاكي الروح تنسيها عذابها حين تمسجها وتواسيها في محنها الصعبة وهي ضماد نضعه على جراحنا …
فإذاً الموسيقى ضرورة حتمية في حياتنا و لا بد منها فهي لغة الشعور و لغة العالم وغذاء الروح
أما بالنسبة للموسيقى في نظري فلقد علمتني الكثير من خلال إدماني على سماعها و أقول لكم بعض ما قلته عن الموسيقى:
** القلب مصنع الحب والموسيقى مصنع الكلمات فيه …………
** الحياة موسيقى ألحانها البشر …………
** عندما نستمع للموسيقى تنساب إلى داخل أنفسنا هناك حيث كهوف روحنا تشعل تلك الشموع المتصافة التي دفعنا حياتنا من أجلها و هدرنا أيامنا تشعلها بعد أن أطفئها الحقد واستحلها الخداع لتنير دروب حياتنا المتبقية بالحب والحنان فالموسيقى هي الحياة
" إنّ السّينما سواء رغبنا أم كرهنا هي القوّة الّتي تصوغ أكثر من أيّة قوّة أخرى الآراء والأذواق والزيّ والسّلوك، بل المظهر المدنيّ لجمهور يضمّ أكثر من ستّين في المائة من سكّان الأرض". وهذا قول صحيح في جملته وتفصيله. وهو سبب من الأسباب الّتي ترجع إليها الفروق الشّاسعة بين الآباء ولأبناء. ذلك أنّ لشّباب أميل بطبيعته إلى السّينما من الشّيوخ. وأكثر تقبّلا لما تدعو إليه السّينما من تجديد في كلّ نواحي الحياة. وهذا فضلا عمّا للسّينما من المقدرة العظيمة على التّعبير عن العواطف والمشاعر والأفكار والآراء والتّجارب الإنسانيّة على اختلافها. ومعنى ذلك أنّ السّينما لم تصبح كما كانت من قبلُ مجرّد أداة لتسلية الجمهور، ولكن غدت وسيلة إعلاميّة من أقوى وسائل العصر الحديث. وصدق من قال إنّ السّينما فنّ وعلم وصناعة في وقت معا. فهي علم قائم على آلات التّصوير الّتي تمخّض عنها الفكر الحديث وتقدّمت بخطى واسعة في باب الاختراع بحيث أصبحت بها السّينما ناطقة بعد أن كانت صامتة. والسّينما علم لأنّها أصبحت تبنى على أصول علميّة يجب أن يتعلّمها القائمون على هذا الجهاز الكبير من أجهزة الإعلام.
والسّينما فنّ لأنّها تقوم على دراسة الإضاءة وهندسة الصّوت، وتعتمد في كلّ ذلك على عدد كبير من الآلات الدّقيقة.
وقد أصبح الهدف الأوّل للسّينما في الوقت الحاضر هو الثّقافة وخدمة المجتمع. ولكنّ السّينما كالصّحف أصيبت بشيء من الانحراف وأصبحت هدفا للاستغلال الّذي قام به أصحاب رؤوس الأموال. ومالت السّينما إلى إرضاء المشاهدين كما تميل الصّحف الصّفراء إلى مثل ذلك. ولهذا السّبب اهتمّ العلماء برسالة الفنّ السّينمائيّ، وكتبوا الكثير من البحوث الّتي دعوا فيها إلى تمسّك السّينما بأهدافها الثّقافيّة والإعلاميّة. ومنذ ذلك الوقت وجدنا الحكومات في جميع أنحاء العالم تعنى بمراقبة السّينما عنايتها بمراقبة الصّحف سواء بسواء.
وممّا لاشكّ فيه أنّ السّينما مسؤولة في أكثر بلاد العالم المتحضّر عن انحراف الأطفال وسوء سلوك الشّباب. وكلّ ذلك برغم ما أجري من التّجارب الكثيرة التّي أثبت بعضها صدق هذه الحقيقة بالأرقام. وأنكرتها بحوث أخرى بحجّة أنّ الانحراف في الأطفال وفي الشّباب لم يخرج عن كونه استعدادا طبيعيّا فيهم. ثمّ أتت السّينما فكشفت عن هذا الاستعداد وحاولت تغذيته وإنماءه بشكل من الأشكال. وممّا لا شكّ فيه أيضا أنّ كثرة ارتياد الشبّان والأطفال لدور السّينما له تأثير عميق في آرائهم وأفكارهم.
ومهما يكن من شيء فإنّ النّاس ينظرون إلى السّينما في أغلب الحالات على أنّها وسيلة من وسائل التّسلية والتّرفيه. غير أنّ من هذه الوسائل التّرفيهيّة ما يرتفع بالمرء إلى درجة عالية من درجات التأثّر الايجابيّ والانفعال بمعاني الشّرف والنّبل والشّهامة، ويشعر الإنسان بإنسانيّته كاملة أو قريبة من الكمال. ومن هذه الوسائل التّرفيهيّة ما يهبط بالمرء إلى أدنى درجات التّأثّر السّلبيّ والانفعال بالمعاني الدّنيئة، وإشباع الغرائز الخسيسة، والنّزول بإنسانيّة الفرد إلى أحطّ الدّرجات.
لذلك أصبح الفلم الثّقافيّ موضع اهتمام الحكومات الحديثة كما قدّمنا. وذلك منذ أن شعرت السّلطات المسؤولة في العالم المتحضّر بضرورة إرشاد الجماهير عن طريق السّينما، فشجّعت على إنتاج هذا النّوع من الأفلام، ووصلت الجمهور بآخر أنباء العالم ومخترعاته، وقصّت عليه قصّة الحضارة الحديثة وما أحرزته من انتصارات كثيرة. وجعلت ذلك كلّه جزءا هامّا من الأفلام المسلّية أو الأفلام الإخباريّة أو الأفلام التّاريخيّة ونحو ذلك.
المحور الثّالث: في حوار الحضارات
حوار الحضارات هو كل تفاعل بين حضارتين أو أكثر يتمّ فيها تبادل الخبرات في مختلف المجالات من أجل تمتين العلاقات بين الشّعوب سياسيّا و ثقافيّا و اقتصاديا. و اليوم أصبح التلاقح الثّقافي و الحضاريّ ظاهرة موضوعيّة مثل الظّواهر الطّبيعيّة من العبث مقاومتها إنّه قانون عام لا يصدّ و لا يردّ.
1. دواعي حوار الحضارات:
إنّ دخول الإنسانيّة مرحلة تاريخيّة جدية تسمّى بالكونيّة الشّاملة و العولمة جعلت كل الأفراد في العالم يشعر بالحاجة إلى ثقافة الآخر المختلف عنه و ضرورة التّعرّف إليه فالإنسان لو لجأ إلى قدر قوّته لما أمكنه العيش لذلك تشعر كل شعوب العالم بعدم قدرتها على الاكتفاء بذاتها.
و قد تظهر هذه الدّواعي في مجالات عدّة منها المجال الثّقافيّ. فقد تضاعفت الحاجة اليوم لدى الشّعوب إلى التّبادل الثّقافيّ الحرّ استئناسا بالآخر و التّعرّف إلى عاداته و خبراته و الاستفادة منها في تطوير مرجعيّاته الحضاريّة وفق آليّات محدّدة.
2. شروط الحوار الحضاري:
• الاعتراف بالآخر: أن يؤمن كل طرف بحقّ الاختلاف في كنف الحريّة و المسؤوليّة مما يساهم أكثر في الابتكار و الإبداع، يقول توفيق بن عامر: "لا مجال للحوار بدون حريّة و تضاف إلى هذه القاعدة قاعدة مبدئيّة أخرى هي ضرورة الاعتراف بالآخر و بهويّته و معتقداته و حضارته و إحلال مبدأ التّسامح محل النزاعات التّعصّب و إقصاء فكرة التّفاضل بين الثّقافات و استبدالها بفكرة التّكامل بين الثّقافات".
• تجنّب مبدأ المفاضلة: فعلى كل طرف أن يعامل الطّرف المقابل له على مبدأ المساواة في القيمة والمكانة تأثّرا و تأثيرا.
• التّبادل: أن يؤمن كل طرف بجديّة الشّراكة فينهض الحوار على تبادل مستمرّ للخبرات و القدرات و المعارف بشكل يسرّق التّقّدّم و يحقّق التّطوّر الحضاري المطرد. فعلى كل طرف أي ينظر إلى الآخر على أنّه كائن ثقافيّ و حضاريّ كفء و قادر على الإضافة و على أن يعطي بقدر ما هو مستعدّ إلى أن يأخذ.
3. وسائل تحقيق حوار الحضارات:
• التّرجمة: هي من أقدم وسائل التّعامل بين الثّقافات و الشّعوب و مهمتها نقل الخبرات و القدرات و المعارف و تعميمها بين الأمم. يقول منجي الشّملي: "بها ينشأ التّفاهم بين الشّعوب و التّعاضد الثّقافي".
• الإعلام: في الحضارات و الثّقافات القديمة كان التلاقح بطيئا لبطء الاتصالات و أما في الأزمنة الحديثة فقد تسارع التّاريخ فتسارعت وتائر التّلاقح بفضل تقنيّات الاتّصال و البثّ و التّبادل و السّياحة و الهجرة و اختلاط السّكّان و لقد أسهمت وسائل الإعلام في سرعة تنقّل خبرات الأمم، يقول مصطفى المصمودي: "يعتبر الكثير من الملاحظين أنّ تكاتف شبكات الإرسال و اتّساع رقعتها سيفتح عهدا جديدا تتأثّر به الأرضيّة الثّقافيّة في مختلف المجتمعات".
و من وسائل الحوار الحضاري نذكر الانترنت و التّبادل الثّقافي في شكل رحلات علميّة و بعثات ثقافيّة.
4. مقاصد حوار الحضارات:
مقاصد إنسانيّة يمكن حصرها في الآتي:
• محاربة النّزاعات الأنانيّة المدمّرة
• إزالة مظاهر الحقد و البغضاء و الحروب بين شعوب العالم
• نشر ثقافة الاعتدال و التّسامح و نبذ مظاهر التّطرّف و التّشدّد
• نشر قيم الحرية و العدالة و السّلم
• التّقريب بين الثّقافات المختلفة دون التّفريط في الخصوصيّة الثّقافيّة الضامنة للهوية
• كسر الحدود بين الشّعوب و خاصة الجمركيّة لتحقيق حريّة التّبادل التّجاري في مشروع العولمة.
5. عراقيل الحوار الحضاري:
- النزوع إلى الهيمنة بمختلفة تجلّياتها الاقتصادية و السّياسيّة و الثّقافية فتلاقي الاقتصاديّات في اقتصاد عالمي متدامج يجري حتى الآن على نحو متوحّش استفاد منه البعض و سقط البعض ضحايا له.
- نشر ثقافة عدائيّة عبر وسائل الإعلام فلابدّ اليوم أن نضمن درجة معقولة من التّنوّع الثّقافي في العالم فلابدّ من إعادة هيكلة المؤسّسات التّعليميّة في العلم لمجانسة برامجها في ما يخصّ القيم الكونيّة مثل الديمقراطية و حقوق الإنسان باعتبارها قيما ثقافيّة عابرة للقوميّات يتعرف فيها العقل الإنساني على نفسه لتخريج أجيال إنسانية ذات وعي متجانس لا ينتهك حقوق الإنسان و لا يسكت على انتهاكها و متشبّع بقيم التّضامن البشري و باحترام البيئة باعتبار الأرض وطن للإنسان الحقيقيّ المهدد بكارثة ايكولوجيّة مميتة.
- نزاعات التّعصّب العرقي و الدّيني.
0 comments