تحليل قصيدة سكر الوقت اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثالث
يمثل الإيقاع بنية مركزية في هذا النص وتتعاضد معه بنى الصورة
والمفارقة واللغة التي تزيح المألوف في إنتاجها لعوالم القصيدة، فضلاً عن التشكيل
البصري ودلالاته، لأن قصيدة «سكّر الوقت» تنتمي إلى شعر التفعيلة وهي من البحر
المتدارك (فاعلن، فعلن) وهذا يعني أن مشروع إبراهيم الشعري يرتبط بالوزن، وهو
ارتباط ينم عن مقدرة في تكييف الموسيقى الخارجية لمصلحة الشعر، خاصة أن القصيدة
ليس فيها أي خلل عروضي، فضلاً على استثمارها الإيقاع الداخلي بكثافة عبر بنية
التوازي، وما يمكن أن تحدثه من أثر موسيقي إضافي في إيقاع القصيدة، أمّا التشكيلة
البصرية في قصيدة (سكّر الوقت)، فإنها تمتاز بالاعتماد على السطور القصيرة والبناء
الهرمي المثلث والمقلوب كما في التشكيل الآتي:-
ولكل بناء في هذا التشكيل وظيفته، فحين يكون الهرم مقلوباً هناك
بنية تلاشٍ وضمور (غربة)، وحين يكون الهرم اعتيادياً يكون الوجود طبيعياً معتاداً،
وهنا يمكن القول إن ما ينتظم في التشكيل البصري يمثل انعكاساً للصراع في فضاءات
القصيدة المختلفة، وعلى النحو الآتي: يقوم النص على إجراء مقاربة بين الوطن والآخر
من خلال مجموعة علائم، بعضها يومي وآخر كوني، ولكل علامة بُعْدها وامتداداتها
وتأويلاتها، فسكّر الوقت ببعده اليومي يتحول إلى الوطن أحياناً، وإلى رمز للوجود
في أحيان أخرى، مثلما يتحول فصل الصيف من زمن يدفع للهرب نحو الآخر إلى وجود راسخ
للذات في الوطن: «.. هذا الصباح جديد ومختلف والسماء بحار من الغيم تهمي على الأرض
موجاً وحلماً تراه الشتاء تقدم؟ أم انه الصيف..»، وتحوّل الصباح هنا هو الذي جعل
الوقت سكّراً ومنح الزمن طعماً مختلفاً، ولهذا كان سكّر الوقت العنوان أو (الهادي)
لعلاقات النص كله ولازمة لتحولات القصيدة في معظم مواقعها: -
وعلى هذا المنوال يجري «سكّر الوقت» في معظم مقاطع القصيدة
وتحوّلاتها، وتنبني التحولات على حقيقة أن الوطن يمثل العلاقة الصادقة مع الحياة،
والصلة الحميمة مع الأشياء في حين تصبح تلك العلاقة في بلاد الغربة باردة باهتة
كالشاي البارد، وهذه العلاقة تتضح من خلال التضاد بين صباحات الوطن وصباحات الغربة،
وهنا استعار النص المكان ليقدم صورة الزمان من خلال ما تتصف به الأزمنة في الأمكنة
في الوطن والغربة، ففي البدء كان العالم الآخر (الموازي للوطن) مدهشاً، والوطن
ألفة مكررة الملامح والعلائم، وهي علاقة نمطية بين الإنسان والمكان لكن هذه
النمطية سرعان ما تتحول إلى دهشة وحنين تجاه الوطن وألفة وتكرار في الملامح مع
الغربة، يقول النص في بدايته عن الغربة: كل السّكاكر مهما نقلّبها ها هنا لا تبوح
بأسرارها -
ان هذه الدهشة تقابلها ألفة: لا أحنّ لصيفي هناكوهي مقاربة بين
صيف الآخر وصيف الوطن، وإذا كانت هذه المقاربة زمنية فإنها تنطوي على ملامح جمالية
في المكان والعلاقة مع الناس:لا أحنّ
إلى صيفي هناك... وفي هذا أصبح الوطن (هناك) والغربة (هنا) وفي هذا السياق يتحدث
النص بذاكرة الغربة، ثم يفجر السرّ في هذا التحول فيقول:وهنا يحدث ما يشبه بعودة الوعي نحو الأشياء وعلاقاتها، كما ملاحظ
طريقة استثمار النص لموضوعة السكر وتحويلها إلى قضية كونية تتعلق بالذات والوطن
والآخر من خلال يوميات معتادة في الحياة، لذلك نجد أن النص ضغط على مفردة السكّر
في معظم مقاطعه، ليعيد التوازن المضطرب في علاقة الأنا مع الآخر، فما أن بدأت
الذات باكتشاف حقيقة الآخر حتى تحولت الدهشة إلى الوطن، والألفة إلى الغربة يقول
النص: تذكرت شاي بلادي مرارته حلوة. –
الفرنجة ليسوا كأرض الفرنجة خضراء مفعمة بالمحبة هم كحديد
المصانع الشوارع ميتة المحلات مقفلة» لقد
اعتمد النص على بنية السرد في التعبير عن علاقة الكائن مع الوطن والغربة عنه ووصل
هذا التعبير إلى حد تلاشي الوجود في الغربة، وهنا عبر النص عن هذا التلاشي من خلال
بنية المفارقة إذ يبدو النص الظاهر ان الذات أقوى من الآخر الذي هو في حالة ضعف،
ولكن الحقيقة أن الآخر هو الذي تجاوز الذات بقوته بسبب وجوده في وطنه وقد كرر هذا
المقطع بصيغتين متشابهتين تعبران عن صورة واحدة: أتعالى على النائمين وأعبر بين
حذائي وقبّعتي بسلام.
للتحضير الجيد والاستعداد للامتحانات تفضل بزيارة اقسام المدونة من الصف الاول الى الصف الثاني عشر
للانضمام الى المجموعات على الفايسبوك
او
سجل اعجابك ليصلك الجديد
0 comments